تشهد صناعة التأمين ضد المخاطر الائتمانية والسياسية تحولاً كبيرًا حيث تُعيد العوامل الجيوسياسية والاقتصادية تشكيل الطلب على تخفيف المخاطر. وتعكس عمليات المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات هذه الاتجاهات، حيث يتواصل الطلب على التغطية قصيرة الأجل وطويلة الأجل على حد سواء. ومن المتوقع أن تؤدي مخاطر التعثر في سداد الديون السيادية إلى ارتفاع المطالبات متوسطة الأجل وطويلة الأجل (مؤشر الثقة لاتحاد بيرن، أغسطس 2024). ​

اعتدلت توقعات النمو الأخيرة في دول المنظمة إلى مستوى يقارب المتوسط العالمي، ولكنه أقل من المتوسط طويل الأجل البالغ 4.3%. وعلى الرغم من التوقعات بارتفاع معدل النمو خلال العامين المقبلين ليصل إلى 4.2% في عام 2025، فإنه سيظل أقل من المتوسط طويل الأجل.​

​

لا تزال عوامل عدم الاستقرار الجيوسياسي والتضخم والتشديد المالي تشكل مخاطر تهدد النمو العالمي. وفي مواجهة هذه التحديات العالمية، لا تزال العديد من بلدان منظمة التعاون الإسلامي تكافح من أجل تنويع اقتصاداتها وتحسين القدرة التنافسية للصادرات وخفض معدلات التضخم. تكتسب بعض دول منظمة التعاون الإسلامي ميزة تنافسية في التجارة والاستثمار؛ ومع ذلك، فإن هنالك حاجة إلى مزيد من الإجراءات لضمان استدامة هذه المكاسب. ويتطلب ذلك استثماراً استراتيجياً في القدرات الإنتاجية في بلدان المنظمة لتعزيز الابتكار والقدرة التنافسية.​

اتخذت صادرات السلع فيما بين دول منظمة التعاون الإسلامي (التجارة البينية) اتجاهًا مقاربًا لإجمالي الصادرات وانخفضت في عام 2023 لأول مرة منذ عام 2020. فبعد أن بلغت الصادرات فيما بين دول منظمة التعاون الإسلامي ذروتها عند 483 مليار دولار أمريكي في عام 2022، انخفضت بنسبة 6.2% لتصل إلى 453 مليار دولار أمريكي في عام 2023، وحافظت على مستوى مماثل في عام 2024. ومع ذلك، انخفضت الصادرات من دول منظمة التعاون الإسلامي إلى بقية دول العالم بنسبة أعلى بلغت 11.3%، وهو ما أدى إلى زيادة حصة الصادرات فيما بين دول المنظمة من 18.5% في عام 2023 إلى 19.4% في عام 2024. ويقلل النمو البطيء في تدفقات التجارة البينية من احتمالات تحقيق هدف الوصول إلى نسبة 25% الواردة في برنامج العمل العشري للمنظمة (التوقعات الاقتصادية لمنظمة التعاون الإسلامي، 2024). ​

تتضح من خلال تحليل بيانات التعاملات بين دول منظمة التعاون الإسلامي الضرورة الاستراتيجية للمؤسسة: ففي حين تتخذ التجارة العالمية لمنظمة التعاون الإسلامي مسارً تصاعديًا، ثمة حاجة لتعزيز التجارة البينية. ويمكن للمؤسسة، باعتبارها كيانًا محوريًا ضمن مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، أن تقود مبادرات لتعزيز تدفق التجارة وإطلاق العنان للإمكانات الاقتصادية للدول الأعضاء.​

 ​

وتعكس أصول كبار المستوردين في منظمة التعاون الإسلامي مدى تعقيد ديناميكيات التجارة، وفي حين تسيطر الصين باعتبارها مورّدًا رئيسيًا، فإن وجود جهات فاعلة إقليمية وعالمية في قائمة كبار الموردين لكل دولة يسلّط الضوء على الحاجة إلى استراتيجيات تعزز التجارة البينية وتستفيد من الشراكات العالمية على نحوٍ فعال. ​

​

كانت أكبر خمس دول مُصدرة في منظمة التعاون الإسلامي من المساهمين البارزين، إذ مثلت جزءًا كبيرًا من صادرات منظمة التعاون الإسلامي في العام الماضي، ولكن هناك حاجة ملحّة لدعم الدول الأعضاء الأخرى التي لا تفتقر للإمكانات، لكنها تواجه عقبات في قطاع التصدير. وعلاوة على ذلك، فإن على المؤسسة أن تضع في الإعتبار إتخاذ توجه إستراتيجي نحو أهم المجموعات القطاعية في منظمة التعاون الإسلامي، وخاصة قطاعات مثل الزراعة، والتي أظهرت قدرة على الصمود ونموًا ملحوظين، وذلك بهدف تعزيز التآزر في مجال التجارة البينية.​